Admin Admin
المساهمات : 79 تاريخ التسجيل : 26/04/2008 العمر : 37
| موضوع: الوفاء الزوجي الإثنين يونيو 09, 2008 9:32 am | |
| وقد استخراجنا هذا المفهوم من هذه المواقف : الأول : في صحيح مسلم عن عائشة – رضي الله عنها –
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ذبح الشاة قال : ( أرسلوها إلى أصدقاء خديجة ) فذكرت له
يوما ًفقال : (اني لأحب حبيبها ) . الثاني : روت عائشة رضي الله عنها : قالت جاءت عجوز إلى النبي صلى
الله عليه وسلم وهو عندي فقال لها رسول الله : (من أنت ) ؟ قالت : أنا جثامة المزنية . فقال : بل أنت
حسانة المز نية , كيف أنتم , كيف حالكم ؟ كيف كنتم بعدنا ؟ قالت : بخير , بابي أنت وأمي يا رسول الله .
فلما خرجت , قلت : يا رسول الله , تقبل على العجوز هذا الإقبال ؟ قال : إنها كانت تأتينا من زمن خديجة ,
وإن حسن العهد من الإيمان . الثالث : قالت عائشة : استأذنت ( هالة بن خويلد ) أخت خديجة على
رسول الله صلى الله عليه وسلم , فعرف استئذان خديجة وتذكره , فارتاع فقال ( اللهم هالة بنت خويلد ) ،
قالت (اي عائشة ) فَغِرْتُ .فقلت : وما تذكر من عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين هلكت في الدهر
فأبدلك الله خيراً منها ) وحمراء الشدقين : أي سقطت أسنانها وبقيت حمرة اللثة . عن هذه المواقف
ترشدنا إلى أهمية خلق الوفاء في العلاقة الزوجية وأهميته كذلك في العلاقات الاجتماعية , وقد علمنا
حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم كيف نكون أوفياء مع زوجاتنا وفي علاقتنا , فالوفاء إنما سمي بالوفاء ,
لما فيه من بلوغ تمام الكمال , وقد أمر الله تعالى به فقال { وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا } الإسراء
/24 . كما وصف ربنا تبارك وتعالى إبراهيم عليه بهذا الخلق في سورة النجم الآية 37 فقال : { وإبراهيم
الذي وفى }. فهو إذن خلق الأنبياء في الصدق في الكلام والصدق في المشاعر والصدق في الأفعال ,
ولهذا قال الشاعر عن الأوفياء : إذا قلت فــي شئ ( نعم ) فأتمـــه *** فإن ( نعم ) دين على الحر واجب
وإلا فقل ( لا ) تسترح وترح بها *** لــئــلا يقــول الناس : إنك كـــاذب فالوفاء بين الزوجين من دعائم
استقرار البيوت وسعادتها , ويتحقق الوفاء في حال حياة الزوجين وحتى بعد وفاة أحدهما , ولكن في
زماننا يعتبر الوفاء عملة نادرة في العلاقات الإنسانية . أ – مظاهر الوفاء الزوجي وعلاماته : لقد أعجبني ما
ذكره أبو مريم في الوفاء الزوجي في كتابه ( حق المرأة على زوجها ) وقد ذكر فيه سبع علامات تدل على
وفاء الزوج لزوجته وهى : 1.دفع ما يوجه للزوجة من نقد يرى الزوج أنه لا مبرر للسكوت عليه , والتماس
المعاذير ما أمكن , وهذا الدفاع يعظم قدره إذا كان في غيبتها , ومن أمثلة ذلك في حياة النبي صلى الله
عليه وسلم دفاعه عن زوجته السيدة صفية رضى الله عنها . 2.عدم تطليق الزوجة بغير سبب معقول ،
ككبر سنها , أو مرضها , أو فقرها , أو تغير مركزه الاجتماعي , فليس من الوفاء أن تقطف زهرتها , ثم
تتركها , وفى معنى الطلاق تغير معاملته لها على خلاف , أو التقدير للزوجة إلى ما بعد موتها . 3.امتداد
الحب , أو التقدير للزوجة إلى ما بعد موتها . 4.إكرام صديقات الزوجة . 5.صلة رحم الزوجة وإكرام أقاربها . 6
.الثناء على الزوجة والدعاء والاستغفار لها . 7.إنقاذ وصيتها بعد وفاتها : ولا شك في أن ما ذكرنا من وفاء
الزوج لزوجته ينطبق كذلك على وفاء الزوجة لزوجها , بالإضافة إلى حفظ أسرار كل واحد منهما للآخر
وحسن تربية الأبناء , وحفظ ممتلكات الآخر أثناء وجوده وعند غيابه , كل ذلك من الوفاء الزوجي . فمن
هدى النبي محمد صلى الله عليه وسلم نتعلم وسائل الوفاء الزوجي وكذلك الوفاء الوالدي , كما ذكر ابن
عباس رضي الله عنه أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : عن أمي نذرت أن
تحج فلم تحج حتى ماتت ، فأحج عنها؟ قال : نعم حجي عنها , أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيتيه
؟ اقضوا لله , فالله أحق بالوفاء . فهذه علامة من علامات الوفاء الوالدي بعد وفاتهما . وأما علامات الوفاء
الزوجي فأحببت أن أؤكد على علامتين أرى أنهما في هذا الزمان الذي نعيش فيه مهمتان لغاية ، وهما : 1
.متداد الحب والتعبير عنه بين الطرفين . 2.عدم التطليق من الرجل وعدم طلب الطلاق من المرأة من غير
سبب . ب – هل الوفاء .. عدم الزواج بعد الوفاة ؟ إنه سؤال خطير ومهم .. وهنالك مفهوم شائع بين الناس
بأن الزوجة إذا توفيت ولم يتزوج زوجها بعدها فإن هذا من الوفاء , وكذلك الأمر بأن لا تتزوج بعد زوجها وفاء
له . وهذه مفاهيم غير صحيحة , وليس لها أصل في الدين والشرع , بل إن الدين يقر عكس ذلك , وهدي
الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم والصحابة والصالحين يبين لنا أنه ليس من معاني الوفاء عدم الزواج
بعد وفاة الزوج ، فقد تزوج الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم من خديجة رضي الله عنها , وكانت من
قبله متزوجة من اثنين وتزوج من غيرها كذلك أم سلمة وأخريات كن متزوجات من قبله , وزوج ابنته الثانية
( أم كلثوم ) لعثمان رضي الله عنها بعد وفاة ابنته الأولى ( رقية ) رضي الله عنها . وتزوج الحبيب محمد
صلى الله عليه وسلم بسودة وعائشة رضي الله عنها , ولم يفت على وفاة خديجة شهر واحد , وتزوج
على بن أبي طالب رضي الله عنه بعد وفاة فاطمة رضي الله عنها بسبع ليال . فالزواج بعد وفاة أحد
الزوجين ليس له علاقة بالوفاء , وأما لو أحب زوج أو زوجة أن لا يتزوجا بعد وفاة الطرف الآخر , فهذا قرار
خاص بهما , ولكنه غير ملزم للآخرين . وأما ما يشاع في أدبنا من قصص الوفاء بعدم زواج الزوجة بعد وفاة
زوجها , فغير صحيح من حيث المعنى وليس الرواية فقد ( خرج سليمان بن عبد الملك يرافقه يزيد بن
المهلب إلى إحدى مقابر الشام , فإذا بامرأة جميلة تبكي , فنظر إليها سليمان معجباً بحسنها , فقال لها
يزيد : يا أمة الله هل لك في أمير المؤمنين ؟ فنظرت إليهما ثم نظرت إلى القبر وقالت : فإن تسألاني عن
هواي فإنــه *** بحر ماء هذا القــبر يا فتيان وإني لأستحييه والتراب بيننا ***كما كنت استحبيه وهو
يراني فكلما ذكرنا فإن مثل هذه القصص قد تذكر وتتخذ الزوجة قراراً في نفسها بأن لا تتزوج بعد وفاة
زوجها حباً له , وتصرفها صحيح , لكن الذي نريده أن لا ينسب تصرفها إلى عدم الوفاء فيما لو تزوجت ثانية ,
وأن توصم بأنها خائنة العهد . ج – وفاء فاطمة لزوجها : من منا لا يعرف فاطمة زوجة الخليفة الخامس عمر
بن العزيز رحمه الله . فاطمة هي بنت الخليفة وزوجة الخليفة , وأخت لأربعة خلفاء , حتى قال فيها أحد
الشعراء: بنت الخليفة والخليفة جدها *** أخت الخلائف , والخليفة زوجها هذه السيدة خرجت من بيت
أبيها إلى بيت زوجها يوم الزفاف إليه وهى مثقلة يأثمن ما تملكه امرأة على وجه الأرض من الحلي
والمجوهرات , ويقال إن من هذه الحلي قرطي مارية اللذين اشتهرا في التاريخ وتغنى بهما الشعراء , وكانا
وحدهما يساويان كنزاً , وقد قيل إنه لو بيعت مجوهراتها لأشبعت بثمنها بطون شعب كامل برجاله ونسائه
وأطفاله . ( ولكن كان أول قرار اتخذه زوجها أن يدخل في بيت مال المسلمين كل هذه المجوهرات والحلي
واللآلئ والدرر ) ولما توفى عمر بن عبد العزيز ولم يخلف لزوجته وأولاده شيئاً ، جاءها أمين بيت مال
المسلمين وقال لها : إن مجوهراتك يا سيدتي لا تزال كما هي , وإني اعتبرها أمانة لك , وحفظتها لذلك
اليوم , وقد جئت أستأذنك في إحضارها . فأجابته بأنها وهبتها لبيت مال المسلمين طاعة لأمير المؤمنين
ثم قالت : ( وما كنت لأطيعه حياً , واعصيه ميتاً ) فهذا موقف لزوجة يستدل من خلاله على شرف معدنها
ورفعة منزلها في وقت كانت بحاجة فيه إلى دريهمات لتعيش بها في حياتها بعد وفاة زوجها , ولكن خلق
الوفاء منعها من ذلك . د – من أجل الوفاء لم يحدث الطلاق . نذكر للقارئ قصتين في الوفاء الزوجي ,
الأولى في وفاء زوجة لزوجها ويرويها لنا العتبى قال : قال رجل من ولد على رضي الله عنه لامرأته : أمرك
بيدك , ثم ندم . فقالت ( أما والله لقد كان بيدك عشرين سنة , فأحسنت حفظه وصحبته , فلن أضيعه إذ
كان بيدي ساعة من نهار , وقد رددته إليك فأعجب بلك من قولها وأمسكها ) . فهذا موقف يدل على وفاء
الزوجة بالرغم من تفويض زوجها لها بالطلاق وجعله بيدها . وأما قصتنا الثانية فمع وفاء زوج لزوجته , وهذه
القصة حصلت في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ويرويها لنا ابن الزناد عن هشام بن
عروة قال : بينما عمر بن الخطاب رضي الله عنه يطوف بالبيت إذ رأى رجلاً يطوف وعلى عاتقه امرأة مثل
المهاة – يعني حسناً وجمالاً – وهو يقول : قدت لهذي جملاً ذلولاً موطاً أتبع السهو لا أعدلها بالكف أن
تميلا أحذر أن تسقط أو تزولا أرجوك لذاك نائلا جزيلاً فقال له عمر بن الخطاب رضي الله عنه يا عبد الله , من
هذه التي وهبت لها حجك ؟ قال : امرأتي يا أمير المؤمنين , وإنها حمقاء مرغامة , لا يبقى لها خادمة .
قال له : ما لك لا تطلقها ؟ قال : إنها حسناء لا تقرك , وأم صبيان لا تترك . قال فشأنك بها . وأعرف زوجاً
أصيبت زوجته بالمرض الذي أقعدها في الفراش لأكثر من ثلاث سنوات وهو يلازمها ويرعى أبناءه بعد
مرضها , فقالت له يوماً , لماذا لا تطلقها ؟ فرد علي وفاء لعشر سنوات صبرت علي وأكرمتني بها , أفلا
أكرمها رداً للجميل ووفاء لتلك العشرة !!! ه- الوفاء والغدر عند الإنسان عرف الكلب بالوفاء حتى إن الشاعر
البدوي امتدح الخليفة العباسي به قال : أنت كالكلب في حفاظك للعهد وكالتيس في قراع الخطوب
وهناك قصة قد تكون من نسج الخيال ولكنها تعبر عن وفاء الكلب , وهى أن كلباً عاش فى بيت مزارع زمناً
طويلاً يحرس البيت , ويبعد اللصوص , ويمشي وراء صاحبه في كل مكان , وكما كان يحب صاحبه كان يحب
أولاده , ويلاعبهم ويتحمل الأذى عنهم , ومضت السنوات وكبر الكلب في السن .. وأصبح لا يستطيع أن
يحرس المنزل , ويبعد اللصوص كما كان يفعل من قبل , ورأى المزارع أن يتخلص منه , فأراد أن يبيعه ,
ولكن لم يقبل أحد أن يشتريه , لأنه كبير وضعيف وفكر الرجل في طريقة يتخلص بها من الكلب فأخذه إلى
مكان بعيد , خارج المدينة وتركه هناك ورجع مسرعاً بسيارته , ولكن الكلب استطاع أن يعود إلى منزل
المزارع مرة ثانية , تضايق الرجل لأنه لم يستطع التخلص من الكلب , ولم تنفع كل الحيل للتخلص من
الكلب , وأخيرا قال في نفسه , أحسن طريقة للتخلص من هذا الكلب أن أخذه وأرميه في البحر , وركب
قارباً وأخذ الكلب معه , ودخل في الماء مسافة بعيدة , وفي وسط البحر حمله بيده ورماه في البحر ,
ولكن الكلب كان يغوص في الماء مرة ويظهر مرة أخرى , ويجري نحوه في القارب , والمزارع يدفعه بعيداً
عنه , وفي لحظة جاءت موجة شديدة ضربت القارب فقلبته وسقط الرجل في الماء وكاد يغرق فرآه الكلب
وجاء إليه مسرعاً وأنقذه , فأخذه إلى منزله , وندم على ما فعل وأكرمه حتى مات . فهذا مثال لإحدى
الحيوانات التي لا تعرف الوفاء , وأما مثال الحشرات فالعنكبوت معروف بعدم وفائه الأنثى منه للذكر . ولهذا
ضرب الله لها المثل عندما قال { وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كان يعلمون } وأنثى العنكبوت إذا
أرادت الذكر تخرج له رائحة , فإذا جامعها بثت فيه السم فقتلته , ثم إذا رزقت بالأبناء وجاعت أكلت
نصفهم , فلا تعرف الوفاء أبداً ولهذا ضرب الله بها المثل . و- أفكار تربوية تغرس في أبنائنا خلق الوفاء إن
تصوير خلق الوفاء وتقريبه للأطفال فيه صعوبة , ولكن هناك أكثر من فكرة لتربية أبنائنا على خلق الوفاء ,
منها الطريقة السريعة والمباشرة من خلال : 1.تعريف خلق الوفاء لهم وبيان أهميته وأنه عملة نادرة في
هذا الزمان . 2.أن يكون الوالدان وفيين للآخرين أمامهم فيشاهدوا مواقف عملية الوفاء . 3.ذكر قصص الوفاء
عند العرب والمسلمين وقصص الوفاء عند الصحابة ومواقف النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك . 4.ذكر
قصص الغدر وعدم الوفاء سواء عند البشر أو عند الحيوانات . 5.التذكير بهذا الخلق بين حين وأخر والتكرار
عليهم بأهميته . 6.إرشاد الأبناء إلى معنى العهد والإنفاق واحترام الكلمة واحترام الوعد فإن الطفل يولد
بفطرته السليمة ملتزماً بالعهد . 7.تدربيهم على بعض علامات الوفاء مثل الصدق عند الحديث , والالتزام
بالموعد إذا واعدوا . وهناك الطريقة البطيئة وغير المباشرة وذلك من خلال غرس العقيدة وحب الدين , لأن
خلق الوفاء من قيم الدين . | |
|