Admin Admin
المساهمات : 79 تاريخ التسجيل : 26/04/2008 العمر : 37
| موضوع: الفتور - في الحياة الزوجية الإثنين يونيو 09, 2008 6:45 am | |
| هل ستنام يا حبيبي؟ نعم يا حبيبتي، هل تريدين شيئاً؟ لا يا حبيبي .. سلامتك… تصبح على خير. وأنتِ
من أهله. وبعد دقائق يرتفع صوت الغطيط معلناً نوم الزوج العميق؛ بينما تتشاغل الزوجة الأم مع الأطفال
وقد شرد ذهنها بعيدًا مع تساؤلات كثيرة: هل ما نحن فيه هو شيء طبيعي؟.. هل هذا المشهد المتكرر
في غرف النوم بين زوجين بعد سنوات قليلة من الزواج مشهد عادي لا يثير الانتباه ولا يستحق التوقف؟ إن
الحياة الزوجية تسير على وتيرة هادئة، والعلاقة الزوجية لا يكاد يوجد ما يعكرها إلا الاحتكاكات البسيطة
والنقاشات العادية التي سرعان ما يتم تجاوزها لتعود الحياة إلى طبيعتها، ويسودها الحب المتبادل
والاحترام والتقدير. نعم إن الزوج قد أصبح مثقلاً بالأعباء والمشاغل حتى يوفر لأسرته النامية متطلباتها وهو
سعيد بهذا الدور لا يشكو، بل يعود متعبًا مرهقًا والابتسامة على وجهة يداعب أولاده ويحاول أن يقضي
معهم ما يستطيعه من وقت، ويتحدث إلى زوجته يبث إليها مشاكله ومتاعبه، ويحاول أن يشركها معه في
آماله وأحلامه. وعلى الجانب الآخر نجد الزوجة مرهقة مكدودة بفعل الأولاد العفاريت الذين لا تتوقف
مطالبهم ونشاطهم، وتتفانى في خدمتهم، حتى ولو كانت عائدة من عملها متعبة -إن كانت تعمل- وهي
أيضا راضية سعيدة، وتحاول إسعاد زوجها وتقدر مجهوده من أجلهم، ويسعدها منه كلمة حلوة إذا سمعتها
رضيت.. ولكن الشيء الذي تغيّر بصورة واضحة العلاقة الخاصة أو العلاقة الجنسية .. نعم لقد تغيّرت أشياء
كثيرة، ولكن: هل هذا الأمر أيضاً يتغير، وهل هو طبيعي -عدنا إلى السؤال الأول الذي بدأنا به- الواقع أن
هذا الموضوع ينظر له من أكثر من زاوية ويتحمل أكثر من تفسير، هل نقول: إن رغبة الزوج قد قلّت أو فترت
لأن حبه لزوجته قد قلّ؟ أو لأن الزوجة قد أهملت ولم تعد تهتم بنفسها؟ أم أن ما حدث للزوجة كان ردّ
فعل لإهمال زوجها وعدم اكتراثه؟ حيث انشغل ولم يعد يهتم بها، بالرغم مما تبذله من زينة واستعداد، ولا
تجد من الزوج حتى تعليقا مريحا أو ملاحظة جميلة حتى ملت الزوجة هي الأخرى وزهدت وأهملت، أم
هي مسئولية مشتركة من الطرفين؟ بمعنى أنها دائرة مغلقة أدى فيها إهمال كل طرف للآخر لهذه
النتيجة بغض النظر عمن بدأ بالإهمال والتجاهل، فربما تكون نقطة البداية مشتركة ومتزامنة حتى لا
يستطيع أحدهما أن يعفي نفسه من المسئولية. وهل الانشغال وكثرة الأعباء تكفي لتفسير ذلك؟ ثم
أليست هذه اللحظات الجميلة التي يقضيها الزوجان معًا كفيلة بإزالة التعب والهموم وتجديد الحب
والنشاط والحيوية إن أُحسن استغلالها.. أم هو منهج حياة في النظر إلى لحظات الاسترخاء والراحة
والاستمتاع نظرة عديمة الأهمية أو نظرة التحسينات أو الكماليات الزائدة التي يمكن الاستغناء عنها. في
الحقيقة نحن لا نجيد فن الترويح عن النفس، ولا الاستمتاع بإجازاتنا أو أوقات فراغنا، ونظل ندور في
الساقية لا نلوي على شيء حتى تضجر نفوسنا وتمل؛ ونصل لدرجة الانكسار النفسي حيث نسقط ولا
نستطيع القيام والمقاومة، ونسأل أنفسنا: لماذا حدث ذلك؟ لأننا لم نعط أنفسنا فرصة لالتقاط الأنفاس،
ويمتد ذلك ليشمل كل حياتنا ويصير النكد وكأنه شيء مفروض علينا لا نستطيع الفكاك منه أو لا نحاول
ذلك، ويصبح أمرًا واقعًا في حياتنا. نعم قد يكون للسن حكمه وقد تكون نظرتنا للأمور أصبحت أكثر نضجاً،
وقد تصبح العلاقة الجنسية جزءاً من منظومة متكاملة من التفاهم والود والرحمة حتى يتأخر ترتيبها ودورها
في الحياة الزوجية واستقرارها، ولكن هناك فرقاً بين أن يحدث ذلك بوعي ورضا واقتناع مع استمرار إعطاء
هذه العلاقة مكانتها ودورها فذلك أمر مقبول، أما أن يهمل الأمر حتى نجد أنفسنا وقد أُصبنا بالفتور فذلك
أمر غير مقبول. ومن المهم أن نعلم أن للفتور الجنسي أسبابًا مختلفة، بعضها ناتج عن التوتر والملل
والإرهاق والانشغال الذهني، وبعضها اجتماعي مثل توتر العلاقة بين الزوجين والخلافات بينهما أو الضغوط
الاجتماعية حولهما، وهناك أيضًا أسباب عضوية يمكن أن تؤدي للفتور قد لا يلتفت لها الكثيرون وأبرزها: *
تأثير بعض الأدوية التي قد تؤدي إلى ضعف الرغبة الجنسية؛ ومنها أدوية الضغط ومضادات الاكتئاب. فإذا
لاحظ أحد الزوجين تغيرًا في السلوك الجنسي والعلاقة الجنسية بعد تناول دواء معين فإنه تلزم في هذه
الحالة استشارة الطبيب. * وجود خلل في الهرمونات وهو ما ينعكس على الرغبة الجنسية ولا بد من
إجراء تحليل للهرمونات واللجوء للطبيب. * التقدم في السن ووجود مشكلات صحية بشكل عام؛ إذ قد
يصرف هذا أحد الزوجين عن النشاط الجنسي خاصة إذا كانت هناك ثقافة شائعة تستهجن هذا النشاط
وممارسته بمعدلات متكررة في السن المتقدمة؛ مما قد يشكل أيضًا حائلاً نفسيًا لدى أحد الطرفين ويرى
في إقبال الطرف الآخر أمرًا غريبًا. إن الكثير من الناس يرون أن العلاقة الجنسية يجب أن تحل مشكلاتها
بين الزوجين، لكن علينا أن ندرك أن هناك مشكلات نفسية مرضية وعضوية فسيولوجية قد تكون هي
السبب وراء الفتور الجنسي، وأن طلب الفحص الطبي أو اللجوء للطبيب النفسي قد يكون لازمًا وضروريًا،
وهو ما نحتاج إلى نشره والتوعية به حتى تستقيم العلاقة الجنسية التي هي بُعد من الأبعاد الهامة في
العلاقة الغنية بين الزوجين، وأحد أبرز مقومات السكن والمودة والرحمة. فيا كل زوجين: تحدّثا… تناقشا…
انفتحا… ليخرج كل منكما ما في نفسه للآخر حتى لا تداخل أياً منكما حيرة أو تساؤل أو شك أو اتهام
للآخر، وليقرأ كل منكما صاحبه، ويفهم دوافعه وانفعالاته ومشاعره تجاه هذه المشكلة حتى تصلا إلى
تصور ورؤية ترضيكما وتريحكما معا، لتعود هذه العلاقة لصورتها الصحيحة، لحظة صفاء ونسمة ترويح وإن
تباعدت أوقاتهما قليلاً ولكن ليس أبداً قنبلة موقوتة | |
|